أحبائى..
لقد بدت تطل علينا من جحورها التى طالما إختبأت بها وتحججت بعدم المشاركة فى بدع الزمان وإمتهان السياسة بجانب العمل الدعوى جماعات تدعى السلفية ، ولا مانع عندى مطلقا ..!
غير أنه لكل قول حقيقة ، والحكم على الأشياء فرع عن تصورها ،
وهذه الجماعات لم تقدم لنا عبر سنوات بياتها الشتوى أوسفرها الصيفى داخل جحورها دليلا قويا أوحتى تصورا حقيقيا لحال السلف ، اللهم إلا السواك وتقصير الثياب والنقاب ، واعفاء اللحية وحلق الشوارب والعمامات والرايات ، وكل هذا من الشكليات التى حقا لا ننكرها وإن كنا نختلف حولها حكما لا أصلا..،
وذلك تبعا لإجتهادات من سبقوا إذجعلوها ما بين الأحكام الخمس تندرج فى إباحة لكل طرف وكل فئة وشخص أن يقلد من يراه موافقا لقناعاته واطمئنان قلبه اللهم إلا إذا كان فاسدا ومخالفا لكل من سبق .،
ولكنها حتما ويقينا لا ولم ولن تكفى وتفى بحاجة الناس لعلم وخبر حال السلف حقيقة إيمانا ومعاملة أو بلغة أخرى عبادة وحياة دنيوية تشوبها معارك سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية ثقافية إضافة للخلافات الفقهية ووسع أو جه الفهم فى النصوص القرآنية ،والأحاديث النبوية بوجهات عديدة، ومشارب كثيرة لمعانى مختلفة طالما تقع تحت ظل وأوجه التفسيرات المحتملة بحكم اللغة والشرع تسع وتحتمل بل تسمح وتجيز كل إختلاف بل وخلاف فى تعايش سلمى وتكافل مجتمعى وسماحة عقائدية .،
ولذا اليوم أكتب ..
لدعاة السلفية الذين خرجوا ليعلنوها حربا فى مواجهة دعاة العلمانية وغيرهم على هوية الدولة المصرية ، فالبعض يردد مدنية والآخر يردد علمانية ،ومن خرجوا لتوهم يرددون إسلامية ، فأقول أن الدولة العلمانية لا رغبة فيها أصلا ولا وجود لها مطلقا عند كل صاحب عقل وفهم صحيح قبل أن يكون ذا دين سليم ، وجميعنا نرفضها ونأباها بل ونحارب من يدعوا لها.،
وأماعن الدولة المدنية .. فأقول أنه لاشك عندى أبدا فى أمر هوية الدولة مهما كانت الجهة أو النظام والحكم الذى يهيمن عليها طالما كانت ذات أكثرية وغالبية إسلامية من أنها إسلامية مدنية ..مدنية ...مدنية ...رغم أنف الجميع.... علمانية .، وسلفية، وإخوانية .،وليبرالية ، وأيضا شيوعية واشتراكية.، وحتى ولو كانت مهلبية وذلك لأمور لوتعلمونها عظيمة بل ثابتة وراسخة ومشرّعة لكل البشر أجمعين وهى :-
1- فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم وهو الإسلام ، الذى يحكم ممالك الأرض ويتحكم فى رقاب البشر طبقا لشرائع تفرض بإيمان وعقيدة ورضا تام من خلال توافق وتقارب بين اجتهادات علماء دين فى محيط أخلاقى بنظام ديموقراطى .، وليس عن طريق فقه وفهم رجال دين بولاية فقية .!
2- حكم الله وأمره بأن جعل أمور الدنيا وكل ما يسوس شئون الحياة مرجعه الشورى بينهم ( وأمرهم شورى بينهم) طبقا لما يدرون به، ويعلمون عنه، ويخبرونه بتجارب وخبرات من سبق ومن لحق ومن حولهم "أنتم أعلم بشئون دنياكم".!
3- ليبرالية التقوى التى أقرها الإسلام طبقا لما شرع الله من حرية وعدل ومساواة بين الناس أجمعين إذ لا فرق ولا تمايز إلا بمعيار التقوى الذى يؤهل أى انسان مهما كان لنيل التكريم من الله تعالى ، وبذلك يسمح له بالتكريم بين البشر.!
4- دراية المشرع والمبين لما أنزل من آيات الذكر الحكيم، ونحن كمسلمون جميعا أيا ما كانت أفكارنا وتوجهاتنا طبقا لما نؤمن به وأيضا لما نقلد من فقه واجتهادات علماء السلف مأمورون بإتباعه وتصديقة وإطاعته لأن ذلك كله من فرائض وأركان الإيمان الحق ومن موجبات رحمة الله تعالى ..جعلته يضع العهود والمواثيق للتعايش السلمى بحرية وعدل ومساواة ، وأيضا بالبر والإقساط حتى مع المخالفين فى الدين والعقيدة طالما أحسنوا ،وحتى حين يسيئوا فبقدره، ولا نسىء حتى بقدر إساءتهم بل نحن مطالبون أن نعفوا ونصفح ويكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا تقربا لله تعالى لنيل درجة التقوى طالما كانت لنا الغلبة والظهور والقدرة على الدفع والمجاهدة لتغيير المنكر والأمر بالمعروف .، وليس فقط حين نكون فى عجز وهوان واستكانة !
5- أخيرا وليس آخرا حقيقة الحياة فى ظل الإسلام بضمانة الحرية ، والعدل والمساواة فى سعة وسماح للإختلاف حتى فى الكفر بالله .، مع وجود تشريعات تسوس كل مناحى وسبل التعايش السلمى وغير السلمى والمواطنة السليمة والصحيحة .، للناس أجمعين إذ ما أرسل الرسل صلى الله عليه وسلم إلا رحمة للعالمين .!
مؤمنين وحتى كافرين (فلعلك باخع نفسك أن يكونوا مؤمنين).!
والله تعالى من وراء القصد،
وهو الهادى إلى سواء السبيل .
****